عصاه وفي يده ، وفي الحجر الذي انبجست (مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) ، وكان نفس النبي برهانا بالكلية فكان برهان عينه ما قال ، لا تسبقوني بالركوع فإني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ، وبرهان بصره (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ، وقوله : زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وبرهان سمعه قوله أطت (١) السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع ، وبرهان شمه قوله : إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن ، وبرهان ذوقه قوله : إن هذا الذراع مسموم ، وبرهان لمسه قوله : وضع الله يده بين كتفي فأحس برده ، وبرهان لسانه قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ، وبرهان بصاقه (٢) ما قال جابر : إنه أمر يوم الخندق لا تخبزن عجينكم ولا تنزلن برمتكم حتى أجيء ، فجاء فبصق في العجين وبارك وبصق في البرمة ، فأقسم بالله إنهم لأكلوا وهم ألف حتى تركوه وانصرفوا ، وإن برمتنا لتغط (٣) كما هي وإن عجيننا ليخبز كما هي ، وبرهان تفله أنه تفل في عين علي عليهالسلام وهي ترمد فبرئ بإذن الله يوم خيبر ، وبرهان يده قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) ، وأنه سبح الحصى في كفه ، وبرهان إصبعه أنه أشار به إلى القمر فانشق فلقتين ، وكان الماء ينبع من أصابعه حتى شرب منه خلق كثير ، وبرهان صدره قوله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) ، وأنه كان له أزيز كأزيز المرجل (٤) وبرهان قلبه أنه كان تنام عيناه ولا ينام قلبه ، وقال تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ، وأمثال هذه البراهين في مظاهر وجوده المقدس أكثر من أن يحصى.
وأما براهين مطاوي وجوده وقواه المستورة ، فمنها برهان قوة
__________________
(١) صوت بالزحام ، أي كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت ، هذا إيذان ومثل بكثرة الملائكة.
(٢) البزاق.
(٣) لاشتد غليانها.
(٤) صوت غليان القدر أي إن جوفه يجيش ويغلي بالبكاء.