نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) ، (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) ، (إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ)» ، فما دام السالك خارج حجب السماوات والأرض فلا تقوم له القيامة ، لأن القيامة كما مر داخل هذه الحجب عند الله ، (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : لا تقوم الساعة وفي وجه الأرض من يقول الله الله ، إشارة إلى أن الرجل ما دام خارج الحجب فالقيامة سر على علمه ، فإذا قطع الحجب وتبحبح (١) في حضرة العندية سارت القيامة علانية عنده بعد ما كانت غيبا عنه ولذلك لم يجز أن يرى الله ولا أمور الآخرة لا نبي ولا ولي ما دام في الدنيا ، وما لم يصر الأبصار بصائر ، وإن نبينا صلىاللهعليهوآله إنما كانت القيامة علانية عنده حين قطع حجب السماوات والأرض ونفذ من أقطارها (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ، ثم إذا رجع إلى مستقره ومهبطه من خارج هذه الحجب صار ذلك الشهود عنده سرا وغيبا ، وانقلبت المعاينة خبرا كما كان قبل العروج ، وإنما كان عينا وعلانية حين قطع حجب السماوات والأرض وكان من وراء الحجب ، وعلى الجملة فالسر سر أبدا حيث هو سر ، والعلانية علانية حيث هي علانية.
واعلم أن سر القيامة من الأسرار العظيمة التي لم يجز للأنبياء عليهمالسلام كشفها ، لأنهم من حيث كونهم رسلا أصحاب شرائع ، والقيامة يوم جزاء بلا عمل ، ويوم الشريعة يوم عمل بلا جزاء ، وتعب بلا ثواب ، والأولياء أهل قيامة من حيث ولايتهم وقربهم عند الله ، كما في قوله صلىاللهعليهوآله : لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، أخبر عن حاله ومرتبته الباطنية ، وأما حاله في غير ذلك المقام فكما في قوله تعالى : (ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) ... (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) ، وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ
__________________
(١) إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام