بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) ، وإن استطعموا أطعموا من الزقوم وإن استغاثوا أغيثوا (بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ... (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) ، فيمسك الجواب عنهم أحيانا ثم قيل لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ، (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ).
وأبواب الجنان هي التي أشير إليها في القرآن بقوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) ، وقوله : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) ، وقوله : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) ، وأبواب النيران هي المشار إليه بقوله تعالى : (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) ، وقوله : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) ، وقوله : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) ، لكنهم اختلفوا في تعيين ماهيتها فقيل هي المدارك السبعة ، وهي الحواس الخمس الظاهرة والحاستان الباطنتان يعني الخيال والوهم ، أحدهما مدرك الصور والآخر مدرك المعاني الجزئية ، وهذه الأبواب كما أنها أبواب النيران فهي أبواب الجنان ، إذا استعملها الإنسان في الطاعات وفيما خلقها الله لأجله ، وللجنة باب ثامن مختص هو باب القلب ، وقيل هي الأعضاء السبعة التي وقع التكليف بها ، وقيل هي الأخلاق السيئة للجحيم ، ومقابلاتها من الأخلاق الحسنة للجنة ، وهي مثل الحسد والكبر والبخل والعجب والنفاق وغير ذلك ، فلا يبعد أن يكون لها سبعة جوامع ، لكل منها شعب كثيرة ، أو هي أبواب ، والقول الأول أقرب إلى الصواب ، فإن كلا من المشاعر السبعة باب إلى الشهوات الدنيوية التي ستصير نيرانات محرقة في الآخرة ، وهي أيضا أبواب لإدراكات المعارف التي يثاب بها في الجنة ، وإن كلا منها فيه باطن وظاهر ، (باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) ، وإذا غلقت أبواب النيران فتحت أبواب الجنان ، بل هي على شكل الباب الذي إذا فتح على موضع انسد عن موضع آخر ، فعين غلقه على منزل عين فتحه إلى منزل آخر إلا باب القلب وهو الباب الثامن ، فإنه مغلق دائما على أهل الحجاب الكلي والكفر ، وهو مختص بأهل الجنة ولا ينفتح لأهل النار ،