الكريمة علما وعملا.
وقد روي عن طريق أصحابنا رضوان الله عليهم أن طوبى شجرة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليهالسلام وليس مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قوله تعالى : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) فتأويل ذلك من جهة العلم أن المعارف الإلهية سيما ما يتعلق بأحوال الآخرة وما لا يستقل بإدراكه العقول على طريقة الفكر البحثي إنما يحتاج فيها إلى اقتباس النور عن مشكاة نبوة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله بواسطة أول أوصيائه وأشرف أولياء أمته ، فإن أنوار العلوم الإلهية إنما انتشرت في نفوس المستعدين من بدر ولايته ونجم هدايته ، كما أفصح قول النبي صلىاللهعليهوآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وذاته المقدسة بالقياس إلى سائر الأولياء والعلماء بالولادة المعنوية كذات آدم أبي البشر في الولادة الصورية ، ولهذا ورد عن النبي صلىاللهعليهوآله : يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة.
قال العارف المحقق في الفتوحات المكية : إن شجرة طوبى لجميع شجرات الجنان كآدم لما ظهر منه من البنين ، فإن الله لما غرسها بيده وسواها ونفخ فيها من روحه ، ولما تولى الحق غرس شجرة طوبى بيده ونفخ فيها من روحه زينها بثمرة الحلي والحلل اللذين هما زينة للابسها ، فنحن أرضها فإن الله جعل ما على الأرض زينة لها وأعطت في ثمرة الجنة كله من حقيقتها عين ما هي عليه ، كما أعطت النواة النخلة وما يحمله مع النوى التي في ثمرها انتهى كلامه.
وقد ظهر منه أن شجرة طوبى يراد بها أصول المعارف والأخلاق ليكون الزينة للنفوس القابلة ، كما أن ما على الأرض زينة لها ، وذلك لأن أرض تلك الشجرة إذا كانت نفوسنا فحللها لا بد أن تكون من قبيل زينة العلوم والمعارف ومحاسن الأخلاق والملكات.