الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) ومنها (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ ، وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) ومنها قوله : (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ومنها قوله : (هُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وقوله : (لا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وقوله : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ ، أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) وقوله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ ، إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) وقوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) إلى قوله : (أَفَلا تُبْصِرُونَ).
ومن البراهين الدالة على الواحدية والأحدية قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) وقد علمت أن معنى الواحد هو الذي يمتنع من وقوع الشركة بينه وبين غيره ، ومعنى الأحد هو الذي لا تركيب فيه ولا أجزاء له بوجه من الوجوه ، فالواحدية عبارة عن نفي الشريك ، والأحدية عبارة عن نفي الكثرة في ذاته. ومعنى الصمد الغني الذي يحتاج إليه كل شيء ، وهذا دليل على أنه أحدي الذات ، إذ لو كان له جزء لكان مفتقر إلى غيره فلم يكن غنيا ، وقد فرض غنيا ، هذا خلف ، وكل واحد فرداني لا شريك له ، إذ لو كان له شريك في معنى ذاته لكان مركبا عن ما به يمتاز ، وما به يشترك ، فيكون مركبا ، ولو كان له شريك في ملكه لم يكن غنيا يفتقر إليه غيره ، فصمديته دليل أحديته ، وأحديته دليل فردانيته في ذاته وملكه ، وقوله : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) دليل على أن وجوده المستمر الأزلي ليس بقاؤه بالنوع وبتعاقب الأشخاص التي ينحفظ بها بقاء النوع كالإنسان الطبيعي المستمر نوعه بتوارد الأفراد المتماثلة ، وكذا غيره من الأمور الطبيعية المستمرة أنواعها بتجدد الأمثال ، وإن كانت على نعت الاتصال. وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) دليل على أنه لا يمكن أنه يوجد في مرتبة وجوده موجودا ، إذ كل موجود سواه معلول له مفتقر إليه ، متأخر وجوده عن وجوده تعالى ، فلا مكافئ له ولا ند ولا ضد له ، إذ نسبة الكل إليه كنسبة الأشعة والأظلال إلى ذات الشمس المحسوسة لو كانت نورا قائما بذاته.