لهذه الجمعية الأسمائية إلا اسم الله ، كما ذكر ، وكذلك الحي القيوم ، إلا أن الأول بحسب الوضع العلمي والثاني بحسب الوضع اللقبي ، لاشتماله على جميع معاني الأسماء الإلهية تضمنا أو التزاما ، ولأجل ذلك كل ذكر أو دعاء قيل إن فيه الاسم الأعظم ، فهو مشتمل لا محالة على أحدهما أو عليهما جميعا ، كقوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وإنما قلنا : إن الحي القيوم مشتمل على جميع الصفات الكمالية والنعوت الإلهية ، لأن اسمه الحي مشتمل على جميع الأسماء الذاتية ، فيدل على وجوب الوجود ووجوب الإيجاد ، ومستلزم من الإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، والقيوم لكون معناه مبالغة في القيام لإدامة الموجودات على وجه التمام عدة ومدة وشدة ، فهو مشتمل على جميع الأسماء الفعلية كالخالقية والرازقية والكرم والجود واللطف والرأفة والرحمة والعطوفة والإبداع والتكوين والإنشاء والإعادة والتقديم والتأخير والإرسال والإنزال والبعث وغير ذلك من صفات الفعل. فإذا تجلى الباري بعبد بهاتين الصفتين فالعبد يكاشف عند صفة الحي معاني جميع أسمائه وصفاته الجمالية ، وعند تجلي اسمه القيوم معاني أسمائه وصفاته الجلالية ، إذ يرى عنده فناء جميع المخلوقات لأن قوامها وقيامها بقيومية القيوم الحق لا بأنفسهم ، فلا يرى في الوجود إلا الحي القيوم. وأيضا قد تحقق وانكشف من قاعدتنا الممهدة المذكورة في توحيد صفاته ، أن حياته حقيقة الحياة ، وحقيقة الحياة يجب أن يكون حياة كل شيء ، فلو لم يكن كذلك لم يكن حياته صرف الحياة. وكذا قيوميته يجب أن يكون محض حقيقة القيام والإقامة فلا قائم ولا مقيم إلا بقيامه وإقامته ، فهذان الاسمان هما الاسم الأعظم لمن تجلى له ، فمن ذكرهما بلسان العيان لا بلسان البيان فقط ، فقد ذكر الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي أجاب وإذا سئل به أعطى. وكذا الذاكر إذا غاب عن ذاته فعند غيبته عن ذاته وفنائه في عظمة الوحدانية ، بكل اسم دعا ربه يكون الاسم الأعظم. ولذلك لما سئل أبو يزيد عن الاسم الأعظم قال : ليس له حد محدود ، ولكن فرغ بيت قلبك لوحدانيته فإذن كل اسم هو الاسم الأعظم.