لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ، مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وقال مشيرا إلى يوم الربوبية (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وذلك لأن وراء هذه النشأة الدنياوية نشأتان أخرويتان : إحداهما ، صورية حسية وهي المنقسمة إلى جنة محسوسة ونار محسوسة ، والأخرى ، معنوية وهي عالم الحضرة الإلهية ، مرجع الأرواح العقلية والأعيان الثابتة ، ففي كل ألف سنة يرتقي الصور الكونية الأرضية على التدريج إلى عالم النفوس السماوية المدبرة لأجرامها ، ثم في كل سبعة ألف سنة وهو أسبوع واحد من أيام الربوبية ينتقل جميع صور ما في السماوات وما في الأرض إلى عالم الآخرة ويقوم قيامة وسطى على النفوس بنفخة الفزع ، ثم في مدة خمسين ألف سنة وهي سبعة أسابيع التي كل منها سبعة آلاف سنة مع الكبائس والكسورات يقع الفناء الكلي للأرواح بنفخة الصعق وينتقل الأمر كله إلى الواحد القهار. وبيان ذلك : أن الله خلق الوجود ثلاثة : دنيا وبرزخا وأخرى ، فخلق الجسم عن الدنيا والنفس عن البرزخ والروح عن الآخرة ، وجعل الوسائط الناقلة لتنوعات عالم الإنسان ثلاثة ، ملك الموت ونفخة الفزع ونفخة الصعق ، فالموت للأجسام ونفخة الفزع للنفوس ونفخة الصعق للأرواح ، فإذا أراد الله تعالى نقل الأنفس من الدار البرزخ حين كمل اليوم البرزخي للآدمي وهو سبعة أيام من أيام الربوبية التي كل منها منسوب إلى إحدى الكواكب السيارة ، نقلت الأنفس من البرزخ بنفخة الفزع ويعاد إليها الأجسام الدنيوية ، قال الله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) وقوله : (كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) إشارة إلى أن نفخة الفزع مختصة بنقل الأنفس إلى الأرواح ، وقوله : (يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) إشارة إلى أن نشأة أخرى تكون بعد صعق الأرواح ، حين يقول سبحانه : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ...) فلا يجيبه أحد ويجيب نفسه لنفسه فيقول : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).