وواحد إلى تل موزن (١) باليمن. وظهرت بدع الخوارج في هذه المواضع منهم وبقيت إلى اليوم.
وأول من بويع من الخوارج بالإمامة : عبد الله بن وهب الراسبي في منزل زيد بن حصين. بايعه عبد الله بن الكواء ، وعروة بن جرير ، ويزيد بن عاصم المحاربي ، وجماعة منهم ، وكان يمتنع عليهم تحرجا ، ويستقبلهم ويومئ إلى غيره تحرزا ، فلم يقنعوا إلا به ، وكان يوصف برأي ونجدة. فتبرأ من الحكمين ، وممن رضي بقولهما وصوب أمرهما. وأكفروا أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه ، وقالوا : إنه ترك حكم الله ، وحكم الرجال. وقيل إن أول من تلفظ بهذا رجل من بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم ، يقال له الحجاج (٢) بن عبيد الله ، يلقب بالبرك ، وهو الذي ضرب معاوية على أليته ، لما سمع به. فسمعها رجل فقال : طعن والله فأنفذ! فسموا المحكمة بذلك. ولما سمع أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه هذه الكلمة قال : «كلمة عدل أريد بها جور ، إنما يقولون لا إمارة ولا بد من إمارة برّ أو فاجر».
ويقال إن أول سيف سل من سيوف الخوارج سيف عروة بن حدير ، وذلك أن أقبل على الأشعث بن قيس فقال : ما هذه الدنية يا أشعث؟ وما هذا التحكيم؟ أشرط أحدكم أوثق من شرط الله تعالى؟ ثم شهر السيف والأشعث مولى فضرب به عجز البغلة ، فشبت البغلة فنفرت اليمانية. فلما رأى ذلك الأحنف مشى هو وأصحابه إلى الأشعث فسألوه الصفح ؛ ففعل.
__________________
(١) في الأصل مورون ، تحريف ، وتل موزن بفتح الميم وسكون الواو وفتح الزاي وآخره نون هو بلد قديم بين رأس عين وسروج ، يزعم أن جالينوس كان به. (راجع معجم البلدان ٢ : ٤٥) وفي بعض النسخ : «وواحد إلى تل موزن واثنان إلى اليمن».
(٢) من أهل البصرة ، وهو أحد الثلاثة الذين اتفقوا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص في يوم واحد. وضمن قتل معاوية فذهب وكمن له حتى خرج يريد الصلاة ، فضربه فأصاب أليته ولم يقتله فقبض عليه معاوية وقتله. (راجع الكامل للمبرد ٢ : ١٣٢ وابن الأثير ٣ : ١٥٧).