وجلّ : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام: «ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، النّاجية منها واحدة ، والباقون هلكى (٢). قيل : ومن النّاجية؟ قال : أهل السّنّة والجماعة. قيل : وما السّنّة والجماعة؟ قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي».
وقال عليه الصلاة والسلام : «لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ إلى يوم القيامة».
وقال عليه الصلاة والسلام : «لا تجتمع أمّتي على ضلالة».
المقدمة الثانية
في تعيين قانون يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية
اعلم أن لأصحاب المقالات طرقا في تعديد الفرق الإسلامية ، لا على قانون مستند إلى أصل ونص ، ولا على قاعدة مخبرة عن الوجود. فما وجدت مصنّفين منهم متفقين على منهاج واحد في تعديد الفرق.
ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أن ليس كل من تميّز عن غيره بمقالة ما ؛ في مسألة ما ؛ عدّ صاحب مقالة. وإلّا فتكاد تخرج المقالات عن حد الحصر والعد ويكون من انفرد بمسألة في أحكام الجواهر مثلا معدودا في عداد أصحاب المقالات فلا بدّ إذن من ضابط في مسائل هي أصول وقواعد يكون الاختلاف فيها اختلافا يعتبر مقالة ، ويعدّ صاحبه صاحب مقالة.
وما وجدت لأحد من أرباب المقالات عناية بتقرير هذا الضابط ، إلّا أنهم استرسلوا في إيراد مذاهب الأمة كيف اتفق ، وعلى الوجه الذي وجد ، لا على قانون مستقرّ ، وأصل مستمرّ فاجتهدت على ما تيسر من التقدير ، وتقدر من التيسير حتى حصرتها في أربع قواعد، هي الأصول الكبار.
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١٨١.
(٢) راجع ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم من ذم بعض الفرق في «الفرق بين الفرق ص ٩ دار المعرفة».