خلقية وكذلك التركيبات في الحروف والكلمات على وزان التركيبات في الصور والأجسام ، والحروف المفردة نسبتها إلى المركبات من الكلمات كالبسائط المجردة إلى المركبات من الأجسام. ولكل حرف وزان في العالم ، وطبيعة يخصها ، وتأثير من حيث تلك الخاصية في النفوس.
فعن هذا صارت العلوم المستفادة من الكلمات التعليمية غذاء للنفوس ، كما صارت الأغذية المستفادة من الطبائع الخلقية غذاء للأبدان. وقد قدر الله تعالى أن يكون غذاء كل موجود مما خلق منه. فعلى هذا الوزان وصاروا إلى ذكر أعداد الكلمات والآيات ، وأن التسمية مركبة من سبعة واثني عشر. وأن التهليل مركب من أربع كلمات في إحدى الشهادتين ، وثلاث كلمات في الشهادة الثانية. وسبع قطع في الأولى ، وست في الثانية ، واثني عشر حرفا في الأولى ، واثني عشر حرفا في الثانية. وكذلك في آية أمكنهم استخراج ذلك مما لا يعمل العاقل فكرته فيه إلا ويعجم عن ذلك خوفا من مقابلته بضده. وهذه المقابلات كانت طريقة أسلافهم ؛ قد صنفوا فيها كتبا ، ودعوا الناس إلى إمام في كل زمان يعرف موازنات هذه العلوم ، ويهتدي إلى مدارج هذه الأوضاع والرسوم.
ثم إن أصحاب الدعوة الجديدة تنكبوا هذه الطريقة حين أظهر الحسن (١) بن محمد بن الصباح دعوته ، وقصر على الإلزامات كلمته ، واستظهر بالرجال ، وتحصن بالقلاع.
وكان بدء صعوده على قلعة (٢) الموت في شهر شعبان سنة ثلاث وثمانين
__________________
(١) قال عنه ابن الأثير (١٠ : ١١٨) : «إنه من كبار الزنادقة ، وهو الحسن بن الصباح الإسماعيلي الملقب بالعباد صاحب الدعوة النزارية ، ومن دهاة العالم. كان رجلا شهما عالما بالهندسة والحساب والنجوم والسحر. وكان الحسن من جملة تلامذة ابن عطاش الطبيب الذي ملك قلعة أصبهان. دخل على المستنصر في مصر فأكرمه وأعطاه مالا. كان قوي المشاركة في الفلسفة كثير المكر والحيل بعيد الغور. مات سنة ٥١٨ ه. (راجع أيضا لسان الميزان ٢ : ٢١٤ وابن الأثير ١٠ : ١٩٩).
(٢) قلعة الموت : هي من نواحي قزوين. قيل إن ملكا من ملوك الديلم كان كثير التصيّد فأرسل يوما عقابا وتبعه فرآه قد سقط على موضع هذه القلعة فوجده موضعا حصينا فأمر ببناء قلعة عليه فسماها إله ـ