وذكر في الفصل الثاني : أنه إذا ثبت الاحتياج إلى معلم ، أفيصلح كل معلم على الإطلاق ، أم لا بد من معلم صادق؟ قال : ومن قال إنه يصلح كل معلم ما ساغ له الإنكار على معلم خصمه. وإذا أنكر فقد سلم أنه لا بد من معلم صادق معتمد.
قيل : وهذا كسر على أصحاب الحديث.
وذكر في الفصل الثالث : أنه إذا ثبت الاحتياج إلى معلم صادق ، أفلا بد من معرفة المعلم أولا والظفر به ، ثم التعلم منه؟ أم جاز التعلم من كل معلم من غير تعيين شخصه ، وتبيين صدقه؟ والثاني رجوع إلى الأول. ومن لم يمكنه سلوك الطريق إلا بمقدم ورفيق ، فالرفيق ثم الطريق ، وهو كسر على الشيعة.
وذكر في الفصل الرابع : أن الناس فرقتان ؛ فرقة قالت نحن نحتاج في معرفة الباري تعالى إلى معلم صادق ، ويجب تعيينه وتشخيصه أولا ، ثم التعلم منه ، وفرقة أخذت في كل علم من معلم وغير معلم ، وقد تبين بالمقدمات السابقة أن الحق مع الفرقة الأولى فرئيسهم يجب أن يكون رئيس المحقين ، وإذ تبين أن الباطل مع الفرقة الثانية فرؤساؤهم يجب أن يكونوا رؤساء المبطلين.
قال : وهذه الطريقة هي التي عرفنا بها المحق بالحق معرفة مجملة. ثم نعرف بعد ذلك الحق بالمحق معرفة مفصلة حتى لا يلزم دوران المسائل ، وإنما عني بالحق هاهنا : الاحتياج ، وبالمحق : المحتاج إليه ، وقال : بالاحتياج عرفنا الإمام ، وبالإمام عرفنا مقادير الاحتياج ، كما بالجواز عرفنا الوجوب ، أي واجب الوجود ، وبه عرفنا مقادير الجواز في الجائزات.
قال : والطريق إلى التوحيد كذلك ، حذو القذة بالقذة (١).
ثم ذكر فصولا في تقرير مذهبه إما تمهيدا ، وإما كسرا على المذاهب ، وأكثرها كسر وإلزام واستدلال بالاختلاف على البطلان ، وبالاتفاق على الحق.
__________________
(١) القذة : ريشة السهم وجمعه قذذ.