الله تعالى لا يقدر على ظلم العقلاء ، وإنما يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال والمجانين.
وكذلك الجعفران : جعفر (١) بن مبشر ، وجعفر (٢) بن حرب ، وافقاه وما زاد عليه إلا أن جعفر بن مبشر قال : في فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس. وزعم أن إجماع الصحابة على حد شارب الخمر كان خطأ ، إذ المعتبر في الحدود : النص والتوقيف (٣). وزعم أن سارق الحبة الواحدة فاسق منخلع من الإيمان.
وكان محمد بن شبيب ، وأبو شمر ، وموسى بن عمران من أصحاب النظام إلا أنهم خالفوه في الوعيد ، وفي المنزلة بين المنزلتين ، وقالوا : صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان إلا بمجرد ارتكاب الكبيرة. وكان ابن مبشر يقول في الوعيد : إن استحقاق العقاب والخلود في النار بالفكر يعرف قبل ورود السمع. وسائر أصحابه يقولون : التخليد لا يعرف إلا بالسمع.
ومن أصحاب النظام : الفضل الحدثي ، وأحمد بن خابط. قال الراوندي : إنهما كانا يزعمان أن للخلق خالقين : أحدهما : قديم وهو الباري تعالى. والثاني
__________________
ـ على الظلم والكذب ولكنه لا يفعلهما لعلمه بقبحهما وغناه عنهما. وجعل بين القولين منزلة فزعم أنه إنما يقدر على ظلم من لا عقل له ولا يقدر على ظلم العقلاء وأكفره أسلافه في ذلك ، وأكفرهم هو في خلافه ...». (راجع عبد القاهر ص ١٠٢).
(١) هو جعفر بن مبشر بن أحمد الثقفي : متكلّم ، من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها. مولده ووفاته ببغداد. توفي سنة ٢٣٤ ه / ٨٤٨ م. (راجع تاريخ بغداد ٧ : ١٦٢).
(٢) هو جعفر بن حرب الهمداني. من أئمة المعتزلة ، من أهل بغداد. كان له اختصاص بالواثق العباسي ، قال المسعودي : وإلى أبيه يضاف شارع «باب حرب» في الجانب الغربي من مدينة السلام. كان يقول : أن بعض الجملة غير الجملة. وهذا يوجب عليه أن تكون الجملة غير نفسها إذا كان كل بعض منها غيرها. وكان يزعم أن الممنوع من الفعل قادر على الفعل وليس يقدر على شيء. هكذا حكى عنه الكعبي في مقالاته. توفي سنة ٢٣٦ ه / ٨٥٠ م. (راجع تاريخ بغداد ٧ : ١٦٢).
(٣) شارك ببدعته هذه نجدات الخوارج في إنكارها حدّ الخمر وقد أجمع فقهاء الأمة على تكفير من أنكر حسّه الخمر النيء وإنما اختلفوا في حدّ شارب النبيذ إذا لم يسكر منه ، فإن سكر فعليه الحدّ عند فريقي الرأي والحديث.