واعلم أنّه لا منافاة بين قولنا : إنّ حروف المشتقّ منه الأصول موجودة في المشتقّ ، وبين نقصان الحرف ، فإنّ المشاركة في الحروف الأصليّة ثبتت بحقّ الأصل ، ثمّ يطرأ النقصان لعارض يوجبه ، فإنّ «خف» من الخوف ، سقطت الواو فيه بعد انقلابها ألفا ، لعارض التقاء الساكنين ، فالمشاركة في الحقيقة حاصلة لحصولها في الأصل قبل طريان الحذف.
واعلم أنّه ليس مرادنا من زيادة الحركة أو نقصانها ، زيادة حركة واحدة أو نقصان حركة واحدة بالشخص ، بل زيادة الحركة بالنوع ، أو نقصانها بالنوع ، سواء زدنا حركة واحدة بالشّخص ، أو حركتين أو أكثر ، وكذا أيضا حكم الحرف ، والمركّب من الحركة والحرف ، في الزيادة والنقصان.
المبحث الثالث : في أنّ صدق المشتقّ قد ينفكّ عن صدق المشتقّ منه
ذهب الجبائيّان (١) إلى أنّ العالم والقادر والحيّ أسماء اشتقّت من «العلم» و «القدرة» و «الحياة».
ثمّ إنّ هذه الألفاظ صادقة في حقّه تعالى ، من غير حصول علم ، ولا قدرة ، ولا حياة ، لأنّ المسمّى بهذه إنّما هي المعاني الّتي توجب العالميّة ، والقادريّة ، والحيّيّة ، وهي غير ثابتة لله تعالى ، فالله تعالى قادر ، عالم ، حيّ ، من دون قدرة وعلم وحياة.
أمّا أبو الحسين البصري ، فإنّ المسمّى بالقدرة عنده ، نفس القادريّة ،
__________________
(١) هما أبو عليّ وابنه أبو هاشم.