وكيف يصحّ الجزم من الأشاعرة بصدق النبي صلىاللهعليهوآله ، ووعد الله تعالى ووعيده ، مع إمكان الكذب والإضلال من الله تعالى لعبده بخلق المعجز على يد الكذّاب؟
وإنّما طوّلنا الكلام في هذه المسألة لكونها أحد المطالب الجليلة.
وقد جرت عادة الأصوليّين بذكر مسألتين ، تتفرّعان على هذه المسألة.
إحداهما : وجوب شكر المنعم.
والثانية : حكم الأشياء قبل ورود الشرع ، فلنشرع فيهما بعون الله تعالى.
المسألة الأولى : في أنّ شكر المنعم واجب عقلا
اختلف الناس في ذلك ، فأوجبه المعتزلة ، ونفاه الأشاعرة (١).
لنا وجوه :
الأوّل : أنّ الضّرورة قاضية بذلك.
الثاني : أنّه دافع للخوف ودفع الخوف واجب ولا يتمّ إلّا بالشكر ، فيكون الشكر واجبا.
أمّا إنّه دافع للخوف ، فلأنّ العاقل إذا رأى عليه آثار النّعمة خاف من كفرانها.
وأمّا إنّ الشكر دافع له ، فلأنّ الخوف إنّما هو من تركه ، إذ العاقل يعلم انّه إذا شكر النعمة ، وأذعن بها ، واعترف بالإنعام ، أمن من المؤاخذة على ترك ذلك ، ويعلم أيضا بالضّرورة أنّ طريقة الشكر امن من غيره.
__________________
(١) في «ب» و «ج» : خلافا للأشاعرة.