فيكفي في زوال الوجوب إزالة الحرج عن الترك ، ولا حاجة [فيه] إلى إزالة جواز الفعل. (١)
والجواب : أنّ ما ذكره ليس بجيّد ، للمنع من بقاء الجواز الّذي هو الجنس الشّامل للواجب والمباح ، لما بيّنا من أنّ رفع المركّب قد يكون برفع جزئيه معا ، ومن بقاء المقتضي ، لأنّ التقدير أنّه منسوخ ، فلا يبقى مقتضاه قطعا.
قوله : «يكفي زوال أحد الجزءين».
قلنا : مسلّم ، لكن لا يلزم القطع ببقاء الآخر ، لجواز أن يكون رفع المركّب برفعه ، أو برفعه مع الآخر.
المبحث الخامس : في التضادّ بين واجب الفعل وجائز الترك
هذا الحكم ظاهر ، فإنّ العقل قاض بالتضاد بينهما ، لأنّ الواجب ما لا يجوز تركه ، فكيف يجامع جائز الترك؟
ولأنّ الواجب مطلوب ، فيكون راجحا ، ولا ترجيح في المباح.
وقد خالف هنا فريقان :
أحدهما الكعبي (٢) وأتباعه ، فإنّهم قالوا : المباح واجب ، لأنّ المباح ترك الحرام ، وترك الحرام واجب ، فيكون المباح واجبا.
__________________
(١) المحصول في علم الأصول : ١ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٣٦٧.