وإنّما هو أجزاء أصليّة لا يعتورها شيء من ذلك ، فلعلّ تلك الأجزاء لم يقع عليها الرؤية ولا الضّرب وقد أسندتهما إليها فكان مجازا. (١)
مع أنّ الرؤية إنّما تتناول سطحه الظاهر ، وذلك ليس حقيقة زيد ، بل إنّما خارج عنه أو جزء منه.
ومثل هذا المجاز من باب المجاز التركيبيّ العقليّ ، لأنّ صيغتي رأيت أو ضربت قد استعمل في معناها الحقيقيّ ، وزيد من الأعلام ، فلا يكون مجازا ، بل المجاز وقع في النّسبة والتركيب.
المبحث التاسع : في أنّ المجاز على خلاف الأصل
قد عرفت غير مرّة أنّ فائدة الوضع إعلام الغير ما في الضمير باللفظ الموضوع للمعنى ، فإذن الأصل الحقيقة تحصيلا لفائدة الوضع.
ولأنّها لو لم تكن أصلا لكان إمّا أن يكون المجاز هو الأصل ، أو لا واحد منهما بأصل ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل فبالإجماع ، وبأنّه مناف للحكمة ، فإنّه من الممتنع أن يضع الواضع لفظا لمعنى ليكتفي به في التعبير عنه ، ثمّ يكون استعماله فيما لم يوضع له أصلا في تلك اللغة.
__________________
(١) توضيحه : أنّ زيدا يوم ولادته كان جسما صغيرا ذات أجزاء قليلة ، وضع عليه لفظ «زيد» وأمّا المشاهد والمضروب أيّام شبابه ، ـ كما هو المفروض ـ فهو جسم كبير له اجزاء كثيرة ، فقد استعملت اللفظة في غير ما وضعت له أيّام ولادته.