واعلم أنّ هذه المسألة إنّما تتمشّى على قواعد المعتزلة القائلين بالحسن والقبح العقليّين ، ويلزم الأشاعرة موافقة الحشويّة وإن لم يصرّحوا به.
المبحث الثاني :
في أنّه تعالى يستحيل أن يخاطب بما يدلّ ظاهره على غير المقصود من غير قرينة
اتّفق الناس على ذلك إلّا المرجئة (١).
لنا : أنّه قبيح ، لاشتماله إمّا على الإغراء بالجهل أو تكليف ما لا يطاق ، فاللازم باطل والملزوم مثله.
بيان الملازمة : أنّه قصد إفهامنا ، وإلّا كان عبثا ، فأمّا أن يقصد فهم ظاهره ، وهو إغراء بالجهل ، إذ ليس ذلك مقصوده ، أو فهم غير ظاهره ، وذلك يستلزم تكليف ما لا يطاق ، إذ يمتنع فهم غير الظاهر من اللّفظ من دون القرينة ، وإلّا كان هو الظاهر.
وأيضا اللّفظ الخالي عن البيان ، يكون بالنسبة إلى غير ظاهره مهملا ،
__________________
(١) المرجئة : على زنة «المرجعة» بصيغة الفاعل من أرجأ الامر : أخّره. والإرجاء : التأخير ، والمرجئة طائفة من المسلمين اهتمّوا بالإيمان دون العمل ، فقدّموا الأوّل وأخّروا الثاني ولذلك أطلقت عليهم المرجئة : أي المؤخّرة للعمل ، واشتهروا بقولهم : لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. لاحظ موسوعة بحوث في الملل والنحل لشيخنا السبحاني : ٣ / ٧٣ ـ ٧٤.