المختصّ بالثالث ، لأنّ أفعال العباد لا يجوز عليها التقديم والتأخير.
وأجاب أبو الحسين بأنّ أفعال العباد إن كان هذه سبيلها ، فإنّ الأمر لم يتناول تلك الأعيان ، وإنّما يتناول ما له صورة يميّزها المكلّف ، فإذا أمر الله تعالى بالحجّ ، فقد أمر بأفعال لها صفة مخصوصة ، سواء وقعت في هذا الوقت أو غيره.
وإذا كان كذلك ، وكان الأمر لا يتخصّص بالأوقات ، علمنا أنّه يتناول (١) ما اختصّ بتلك الصّورة من الأفعال المختصّة بتلك الأوقات ، فإذا بان أنّ الوجوب يفيد الفور ، بان أنّه قد اختصّ بالأمر ما يقتضي الفور وما يقتضي التأخير ، ولا يمكن الجمع بينهما إلّا على شرط المعصية (٢).
وفيه نظر ، فإنّ الإيجاب على الفور أمر معقول يميّزه المكلّف عن غيره ، وكما يصحّ التكليف به لو نصّ عليه ، فكذا مع الإطلاق.
المبحث الخامس : في أنّ الأمر بالشيء ليس أمرا بذلك الشيء
إذا أمر الله تعالى (٣) زيدا بأن يأمر عمرا بشيء ، لم يكن الله تعالى امرا لعمرو بذلك الشيء ، لوجوه :
الأوّل : لو قال السيّد لأحد عبديه : «مر الآخر بكذا» ، ثمّ قال للآخر : «لا تطعه» لم يعدّ متناقضا ، ولو كان أمرا للآخر ، لكان بمنزلة ما لو قال للآخر :
__________________
(١) كذا في «ب» والمصدر ، ولكن في «أ» : لا يتناول.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ١ / ١٣٦.
(٣) في «أ» و «ج» : إذا أراد الله تعالى.