لا يقال : الخلق عبارة عن التعلّق الحاصل بين المخلوق والقدرة حالة الإيجاد ، فلمّا نسب هذا التّعلق إلى البارئ تعالى ، صحّ الاشتقاق ، وإنّما أطلق الخلق على هذا المعنى المجازي ، الّذي هو من باب إطلاق اسم الملزوم ، أعني الخلق الحقيقي على اللازم ، أعني التعلّق ، جمعا بين الأدلّة.
لأنّا نقول : التعلّق ليس بقديم ، لكونه نسبة بين المخلوق والقدرة ، والنّسبة متأخّرة ، فهو حادث وغير قائم بذاته تعالى ، لاستحالة قيام الحوادث به ، وهو عرض ، فهو إذن قائم بالغير.
ولأنّه يستلزم التسلسل ، لأنّه حادث ، فيفتقر إلى تعلّق آخر.
وأيضا المفهوم من الضارب ، ليس إلّا شيء ذو ضرب أو له ضرب ، ولفظة «ذو» و «له» لا يقتضيان الحلول.
وأيضا لفظة «اللّابن» و «التّامر» و «المكيّ» و «المدنيّ» و «الحدّاد» مشتقّة من أمور يمتنع قيامها بمن له الاشتقاق.
المبحث السادس : في مفهوم المشتقّ
مفهوم الأسود شيء له سواد ، ولا يدلّ هذا على خصوصيّة ذات الشيء ، بل إنّما يستفاد من أمر خارج عن مفهومه بطريق التزام ، كما أنّا نعرف أنّ الناطق إنسان بدليل من خارج ، لا من حيث وضع النّاطق ، فإنّه وضع لشيء ذي نطق ، لأنّك إذا قلت : الناطق إنسان ، أو الأسود جسم ، كان كلاما صحيحا مقبولا عند العقل.