لأنّا نقول : لا نسلّم وجوب ذلك ، وظاهر أنّه ليس كذلك ، فإنّ كثيرا من العلماء يسمع آية أو حديثا ولا يعلم ما اشتمل عليه من اللّغة ، والنحو ، والتصريف ، (١) وغير ذلك. (٢)
والجواب : أنّ محكمات القرآن مثل (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٣) وغيره يعلم أنّ المراد منها ظاهرها ، وأنّ هذه المطاعن منتفية عنها علما قطعيّا ، فيكون مثل تلك تفيد اليقين.
المبحث الرابع : في كيفيّة الاستدلال بالخطاب
اعلم أنّ اللّفظ قد تقصر دلالته على معناه فيفتقر إلى ضمّ شيء آخر إليه ، لتتمّ دلالته على معناه ، وقد يستغني عن تلك الضميمة.
ثمّ إمّا أن يدلّ على الحكم بلفظه أو بمعناه ، فالأقسام ثلاثة :
[القسم] الأوّل : ما يدلّ على الحكم بلفظه.
اعلم أنّ اللفظ إذا أطلق وجب حمله على حقيقته ما لم يقم مانع يمنع منه ، ولمّا انقسمت الحقيقة إلى اللّغوية ، والشرعيّة ، والعرفيّة ، انقسم اللّفظ إلى ما لا يوجد فيه سوى واحد منها وهي اللّغوية ، وإلى ما يوجد فيه أكثر.
فالأوّل : يجب الحمل عليه ، إذ لم يوجد مغيّر من قبل الشرع ولا من قبل العرف.
__________________
(١) أيّ لا يعرفون ما في نحوها ولغتها وتصريفها من الاحتمالات العشرة الّتي ذكرناها.
(٢) الإشكال والجواب للرازي في محصوله : ١ / ١٧٧.
(٣) التوحيد : ١.