لا يقال : يلزم حينئذ ألا يكون الواجب مخيّرا فيه ، ولا المخيّر فيه ، أعني الجزئيّات واجبا.
لأنّا نقول : الواجب هو الكلّي ، وهو لا يوجد إلّا في [ضمن] الأفراد ، فيكون الأفراد مخيّرا فيها ، على معنى : أنّ المكلّف مأمور بتحصيل الكلّيّ في أيّ جزء شاء (١). (٢)
المبحث الثاني : في الواجب على الكفاية
اعلم أنّ غرض الشارع قد يتعلّق بتحصيل الفعل من كلّ واحد من المكلّفين عينا ، وقد يتعلّق بتحصيله مطلقا.
والأوّل : هو الواجب على الأعيان ، والأمر يتناولهم على سبيل الجمع ، وهو قسمان:
الأوّل : أن يكون فعل بعضهم شرطا في فعل البعض الآخر : كالجمعة.
الثاني : ألا يكون كذلك ، مثل «أقيموا الصلاة».
__________________
(١) هكذا في النسخ والأصحّ في أيّ جزئيّ أو فرد شاء.
(٢) لا يخفى انّه لو كان الواجب هو العنوان الكليّ ـ وهو الجامع الانتزاعي أعني : أحد الأفعال ـ ينقلب التخيير الشرعي إلى التخيير العقلي ، كالتخيير بين إتيان الصلاة في أمكنة مختلفة.
والحقّ : أن يقال : ان الواجب التخييري يشارك الواجب التعييني في تعلّق الإرادة بكلّ واحد من أطراف التخيير ، لكن لمّا كان الغرض حاصلا بإتيان أيّ واحد منها أراد الامر كل واحد منها على وجه لو أتى المكلّف بواحد منهما تنسحب الإرادتان المتعلّقتان بالأمرين لحصول الغرض ، فإنّ حصول الغرض يوجب سقوط الأمر ، سواء أكان بفعل الغير كما أمر عبده بإنقاذ الغريق ، فسبق إليه آخر ، أم بفعل نفسه.