(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ)(١).
والإخلاص إنّما يكون إذا قصد المكلّف إيقاع الفعل لوجهه تعالى ، ويخرج عن هذا الواجب سببان : الواجب الأوّل وهو النظر المعرّف للوجوب ، فإنّ إيقاعه على وجه الطاعة غير ممكن ، لأنّ فاعله لا يعرف وجوبه عليه إلّا بعد إتيانه به.
الثاني : إرادة الطاعة ، فإنّها لو افتقرت إلى إرادة أخرى ، تسلسل.
المبحث الثالث : في وقت توجه الأمر
اختلف الناس هنا :
فقالت المعتزلة : المأمور يصير مأمورا بالفعل قبل وقوعه ، لا حالة وقوعه ، وبه قال الجويني (٢) وقالت الأشاعرة عداه : أنّه مأمور حالة الفعل لا قبله ، فإنّه يكون قبله إعلاما بأنّه سيصير مأمورا لا أمرا.
والحقّ ، الأوّل ، لنا : أنّه لو لم يكن مأمورا بالفعل إلّا حال وجوده ، لزم تكليف ما لا يطاق ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة : أنّ الفعل حال وجوده يكون واجبا ، والواجب غير مقدور.
ولأنّ التكليف بتحصيله حال حصوله ، يستلزم التكليف بتحصيل الحاصل ، وهو محال.
__________________
(١) البيّنة : ٥.
(٢) البرهان : ١ / ١٩٦.