وإذا عرف بلازم عرف لا على سبيل الكمال ، فتحصل حالة تشبه الدّغدغة النفسانيّة ، فلهذا كان المجاز أولى.
المبحث الرابع : في أقسامه
اعلم أنّ الألفاظ منها بسائط ، ومنها مركّبات ، وكلّ واحد منهما قد يستعمل في موضوعه الأصليّ وهو الحقيقيّ ، وقد ينقل عنه فيكون مجازا ، فالمجاز إذن إمّا إن وقع في المفردات ، أو في المركّبات ، أو فيهما معا.
أمّا المفردات ، فقد اتّفق عليه المحقّقون ، كالأسد للشجاع ، والحمار للبليد.
وأمّا في التركيب فكذلك أيضا ، خلافا لبعضهم ، وذلك بأن يستعمل كلّ واحد من اللّفظين في معناه الحقيقيّ ، لكن التركيب غير مطابق كقوله :
أشاب الصغير وأفنى الكبي |
|
ر كرّ الغداة ومرّ العشيّ (١) |
فكلّ واحد من هذه الألفاظ المفردة مستعمل في موضوعه ، لكن اسناد أشاب إلى كرّ الغداة ليس بحقيقيّ ، لحصوله من الله تعالى.
ومثله طلعت الشّمس ، ومات زيد.
وأمّا الّذي يقع فيهما ، فكقولك : أحياني اكتحالي بطلعتك ، فإنّ الاكتحال هنا مجاز إفرادي ، والإحياء أيضا مجاز إفراديّ ، وإسناد الإحياء إليه مجاز
__________________
(١) البيت للشاعر : الصلتان العبدي وهو قثم بن خبيئة من عبد القيس ، أحد شعراء ديوان الحماسة الّذي اختاره أبو تمام.