ولو قدّر انتفاء الترجيح بين الطرفين ، احتمل الحكم بالتخيير [أ] والخلوّ عن حكم شرعيّ ، كما لو سقط إنسان من شاهق على صبيّ محفوف بصبيان ، وهو يعلم أنّه تقتل من تحته إن استمرّ ، وإن انتقل قتل من يليه.
ويحتمل أن يقال : يستمرّ ، فإن الانتقال فعل مستأنف ، لا يصحّ إلّا من حيّ قادر ، أمّا ترك الحركة ، فلا يحتاج إلى استعمال قدرة.
قيل : الحجّ الفاسد ، إن كان إتمامه حراما من حيث يجب القضاء ، فلم يجب؟ وإن كان واجبا وطاعة ، فلم وجب القضاء ، وعصى به؟
وأجيب : أنّه عصى (١) بالوطء المفسد ، وهو مطيع بإتمام الفاسد ، والقضاء يجب بأمر جديد ، وقد يجب بما هو طاعة إذا تطرّق إليه خلل (٢).
ومن ألقى نفسه [من سطح] فكسر رجله ، لا يعصي بالصلاة قاعدا ، بل بكسر الرّجل ، لا بترك الصلاة قائما.
المبحث الثاني : في أنّه لا يشترط في التكليف حصول الشرط الشرعي
اختلف النّاس هنا : فقالت المعتزلة والأشاعرة بذلك.
وخالف فيه أبو حنيفة وأبو حامد الإسفرايني (٣) وزعما أنّ الكفّار غير مخاطبين بالفروع.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : يعصى.
(٢) الإشكال والجواب مذكوران في المستصفى : ١ / ١٦٨.
(٣) تقدّمت ترجمته ص ١٥١.