المبحث الثّامن : في جواز إقامة كلّ من الأمر والخبر مقام صاحبه
اعلم أنّ الأمر يدلّ على وجود الفعل وطلب تحصيله ، والخبر يدلّ على وجود الفعل أيضا ، فقد اتّفقا وتشابها من هذا الوجه ، وقد عرفت أنّ المشابهة مصحّحة للتجوّز ، فجاز أن يتجوّز بكلّ من الأمر والخبر عن صاحبه.
أمّا الأمر فقد يقوم مقام الخبر في مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، (١) معناه : صنعت ما شئت.
وأمّا العكس فقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ)(٢)(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ)(٣).
وأيضا فقد تجوز إقامة النهي مقام الخبر ، وبالعكس ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تنكح اليتيمة حتّى تستأمر (٤) معناه : لا تنكحوا إلى غاية الاستئمار.
وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تنكح المرأة المرأة ولا المرأة نفسها ، (٥) وكقوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٦).
والمشابهة ما تقدّمت ، فإنّ هذا الخبر يدلّ على عدم الفعل ، والنهي كذلك.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في سننه : ٢ / ٢٥٢ ، رقم الحديث ٤٧٩٧ ؛ وابن ماجة في سننه : ٢ / ١٤٠٠ ، رقم الحديث ٤١٨٣ ؛ وأحمد بن حنبل في مسنده : ٤ / ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) البقرة : ٢٣٣.
(٣) البقرة : ٢٢٨.
(٤) أخرجه الدار قطني في سننه : ٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ رقم الحديث ٣٥ ـ ٤٠ ؛ والحاكم في مستدركه : ٢ / ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٥) أخرجه ابن ماجة في سننه : ١ / ٦٠٥ ـ ٦٠٦ رقم الحديث ١٨٨٢ ؛ والدار قطني في سننه : ٣ / ٢٢٨ رقم الحديث ٣٠.
(٦) الواقعة : ٧٩.