حدّ المجاز ، وبين المجاز الرّاجح القاصر عن كونه حقيقة ، قال أبو حنيفة (١) : الحقيقة أولى ، عملا بالأصل.
وقال أبو يوسف (٢) : المجاز أولى ، عملا بالراجح.
وقيل (٣) : بالتعارض ، لوجود وجه الرجحان في كلّ منهما ، والمرجوحيّة باعتبارين ، فيحصل التّعادل.
المبحث العاشر : في أنّ المجاز المركّب عقليّ
الفعل إذا كان بحيث يصدر عن ذات ، فاستناده في الحقيقة إلى تلك الذّات ، لأنّها المؤثّرة فيه ، فإذا أسند إلى غيرها كان مجازا عقليّا ، لأنّ الإسناد إلى المؤثّر حكم عقليّ ثابت في نفس الأمر ، فنقله عن متعلّقه إلى غيره نقل لحكم عقليّ لا للفظ لغويّ كقوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها)(٤)(مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ)(٥).
والإخراج والإنبات إنّما يستندان في نفس الأمر وعلى سبيل الحقيقة إلى الله تعالى ، فإسنادهما إلى الأرض يكون لا شكّ مجازا عقليّا.
__________________
(١) أبو حنيفة النعمان بن ثابت أحد أئمّة المذاهب الأربعة المتوفّى سنة ١٥٠ ه.
(٢) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري ، تفقّه على أبي حنيفة ونشر مذهبه ، واشتهر بصاحب أبي حنيفة ، وله آراء يخالف فيها إمامه أبا حنيفة ، مات سنة ١٨٢ ه. انظر الأعلام للزركلي : ٨ / ١٩٣.
(٣) القائل هو العجلي الأصبهانيّ في الكاشف عن المحصول : ٢ / ٣٤٠.
(٤) الزلزلة : ٢.
(٥) يس : ٣٦.