لا يقال : أخرج وأنبت في أصل الوضع بإزاء الخروج والنبات المستندين إلى المؤثّر القادر ، فإذا استعملنا في صدورهما من الأرض ، فقد استعملنا في غير موضوعهما اللّغوي ، وكان مجازا لفظيّا.
لأنّا نقول : الأفعال تدلّ على صدور أمر عن شيء ما ، من غير دلالة على خصوصيّة ذلك المؤثّر ، وإلّا لكان لفظة «أخرج» خبرا تامّا ، وكان يقبل التصديق والتكذيب من غير انضمام شيء آخر إليه ، وليس كذلك.
ولصحّة أخرجه القادر وغير القادر ، وليس الأوّل تكريرا ولا الثاني نقضا (١).
وفيه نظر ، لأنّ التأكيد ليس تكريرا ، والتجوّز ليس نقضا ، وذكر غير القادر قرينة.
ولأنّه لو سلّم استناده إلى القادر ، لكن لا دلالة له على خصوصيّة ذلك القادر ، وإلّا لزم حصول الاشتراك اللّفظيّ بحسب تعدّد القادرين.
وإذا ثبت هذا فإذا أضيف ذلك الفعل إلى غير ذلك القادر الّذي هو صادر عنه ، لم يكن التعبير واقعا في مفهومات الألفاظ ، بل في الإسناد.
والفرق بين هذا النوع من المجاز وبين الكذب ، القرينة الحاليّة ، كالعلم والظنّ بانتفاء كذب المخبر ، فيعلم إرادة المجاز ، وكان يقترن بالكلام هيئات مخصوصة قائمة بالمتكلّم ، دالّة على أنّ المراد ليس الحقيقة ، وكان يعلم بسبب خصوصيّة القضيّة انتفاء داع للمتكلّم (٢) إلى ذكر الحقيقة ، فيعلم إرادة المجاز.
أو المقاليّة بأن يذكر عقيب كلامه ما يدلّ على غير ظاهره.
__________________
(١) انظر المحصول في علم الأصول : ١ / ١٣٩.
(٢) في «أ» و «ب» : داعي المتكلّم.