ثمّ بأيّ اعتبار ينقسم ذلك المعنى القديم إلى أنواع الأساليب؟ وأيّ مخصّص في صيرورة البعض أمرا ، والبعض خبرا؟
وبالجملة فنحن لا نعقل كلامه تعالى سوى الأمر والنهي والخبر ، وإذا اعترفتم بحدوثها ، ثبت حدوث الكلام ، فإذا ادّعيتم قدم شيء آخر ، فبيّنوه ليتصوّر ، ثمّ أقيموا الدّلالة عليه ، وعلى اتّصافه تعالى به ، وعلى قدمه.
قيل (١) : إنّ عبد الله بن سعيد عنى بالكلام القدر المشترك.
قلنا : المشترك لا ينفكّ عن أحد القيود ، ويلزم من حدوثها حدوثه.
وقول ابن سعيد ، ليس بجيّد ، لأنّه تسليم لانتفاء الأمر أزلا.
المبحث الثاني : في شرائط المكلّف
وهي خمسة :
الأوّل : البلوغ ، فلا يكلّف الصبيّ ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع القلم عن ثلاثة : عن الصّبي حتّى يبلغ» (٢).
ولأنّه إن لم يكن مميّزا ، فهو بالنّسبة إلى فهم تفاصيل الخطاب ، كالجماد والبهيمة بالنّسبة إلى فهم أصل الخطاب ، وكما امتنع تكليف الدّابّة ، كذا امتنع تكليف غير المميّز ، إلّا عند القائلين بجواز التكليف بالمحال ، لأنّ التكليف كما توقّف مقصوده على فهم أصل الخطاب ، كذا يتوقّف على فهم تفاصيله.
__________________
(١) القائل هو الرازي في محصوله : ١ / ٣٢٩.
(٢) تقدّم مصادر الحديث ص ٥٩٠.