الآخر وجه من وجوه المجاز.
وعن الخامس : أنّ صيغة «افعل» محتملة للتهديد والمنع ، والطريق الّذي يعرّف أنّه لم يوضع للتهديد ، يعرّف أنّه لم يوضع للتخيير.
وأيضا ، بل يحمل على الإيجاب الّذي هو أعلى المراتب للاحتياط.
المبحث الثالث : في التغاير بين الصّيغة والطلب
قد عرفت أنّ الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء ، وهذا الطلب معنى معقول للعقلاء ، فإنّ كلّ عاقل يأمر وينهى ، ويدرك تفرقة ضروريّة بينهما ، ويعلم الفرق بين طلب الفعل ، وطلب الترك ، وبين ماهيّة الخبر ، وأنّ ما يصلح جوابا لأحدهما ، لا يصلح جوابا للآخر.
وذلك الطلب مغاير للصّيغة ، لاختلافها باختلاف النواحي والأمم ، بخلاف الطلب.
ولأنّ الصيغة يمكن وضعها للخبر ، وصيغة الخبر يمكن وضعها للأمر ، بخلاف الطلب ، فماهيّة الطلب إذن مغايرة للصّيغة ولصفاتها ، وهي أمر وجدانيّ تعقّله (١) كلّ أحد من نفسه ، وهذه الصّيغ تدلّ عليها.
لكنّ النزاع وقع هنا بين المعتزلة والأشاعرة ، فعند المعتزلة أنّ ذلك الطلب هو إرادة المأمور به ، وقالت الأشاعرة بالمغايرة.
__________________
(١) في «أ» : يقوله.