الخامس : القائلون بالمنع من إرادة المعنيين في الجمع إثباتا جوّز بعضهم ذلك في طرف النفي ، حيث لم يقم دليل قاطع على أنّ الوضع ما استعمله في إفادتهما جميعا.
وأجيب (١) بأنّ النفي إنّما يفيد رفع مقتضى الإثبات ، فإذا لم يفد في جانب الإثبات إلّا أمرا واحدا لم يرتفع عند النفي إلّا ذلك المعنى الواحد.
وقد بيّنا جواز ذلك في الإثبات ففي النفي أولى.
أمّا لو قال : لا تعتدّي (٢) بما هو مسمّى بالأقراء يتناول الحيض والطهر معا ، وكان اللفظ متواطئا لا مشتركا ، إذ كون كلّ منهما مسمّى بلفظ الأقراء معنى مشترك بينهما.
المبحث السابع : في مرجوحيّة الاشتراك
إذا دار اللفظ بين الاشتراك وعدمه كان الثاني أولى لوجوه :
الأوّل : قد بيّنا أنّ الغرض من وضع اللفظ إفهام الغير ما في الضمير ، وإنّما يحصل ذلك غالبا لو اتّحد المعنى ، إذ مع الاشتراك تردّد ذهن السامع بين تلك المعاني ، فلا يحصل الفهم ، فتختلّ فائدة التخاطب بالمفردات ، ولا يحصل غرض المتكلّم إلّا مع الاستكشاف ، وقد عرفت حصول الفهم ، فكان الانفراد راجحا.
__________________
(١) المحصول للرازي : ١ / ١٠٤.
(٢) في «ج» : أمّا لو قال : تعتدّي.