الفصل الثالث
في مقتضيات الصّيغة
وفيه مباحث :
[المبحث] الأوّل : في أنّ الأمر هل يقتضي الوجوب أم لا؟
هذه مسألة شريفة يبتني عليها أكثر الأحكام الشرعيّة ، وقد طال التّشاجر بين القوم فيها ، واختلفوا اختلافا عظيما.
ونحن نذكر الخلاف ، وحجّة كلّ فريق ، وتوضيح ما عندنا في ذلك إن شاء الله تعالى.
فنقول : أمّا مذهب من جعل «افعل» للإباحة والتهديد فقد سلف بطلانه ، بقي تقرير مذاهب من جعلها للترجيح ، وقد اختلفوا ، فذهب أكثر الفقهاء منهم الشافعي وجماعة من المتكلّمين وأبو عليّ الجبائيّ في أحد قوليه ، وأبو الحسين البصري ، وفخر الدّين الرّازي إلى أنّها حقيقة في الوجوب ، مجاز في الندب.
فقال الجويني : لفظة افعل طلب محض لا مساغ فيه لتقدير الترك ولا للتخيير فيه ، وليس هو للإيجاب ، فإنّ الوجوب لا يعقل إلّا بالتقييد بالوعيد