على الترك ، وليس ذلك مقتضى تمحيض الطّلب ، فإذن الصّيغة لتمحيض الطلب ، والوجوب مستدرك من القرائن. (١)
وقال قوم : إنّها حقيقة تفيد النّدب ، وبه قال جماعة من المتكلّمين والفقهاء ، وهو منقول عن الشّافعي أيضا ، ونقله قوم عن أبي هاشم.
ونقل أبو الحسين البصري عنه أنّها تقتضي الإرادة ، فإذا قال القائل لغيره : «افعل» أفاد ذلك أنّه مريد منه الفعل ، فإن كان القائل حكيما ، وجب كون الفعل على صفة زائدة على حسنه يستحقّ لأجلها المدح ، إذا كان المقول له في دار التكليف ، واحتمل الوجوب والنّدب ، فإذا لم يدلّ دليل على الوجوب وجب نفيه ، والاقتصار على المتحقّق وهو الندب. (٢)
وربّما قال قوم : إنّه يفيد الإيجاب والفرق بين الإيجاب والوجوب : أنّ الإيجاب دلالة الأمر على أنّ الامر أوجب الفعل المأمور به ، والوجوب دلالة الأمر على أنّ المأمور به له صفة الوجوب ، والخلاف في ذلك بين الأشاعرة والمعتزلة.
وقال السيد المرتضى : إنّه مشترك بين الوجوب والندب من حيث اللّغة ، لكن العرف الشّرعي نقله إلى الوجوب. (٣)
وقال قوم : إنّه مشترك بين الوجوب والندب مطلقا.
وآخرون قالوا : إنّه حقيقة في القدر المشترك بينهما وهو الترجيح مطلقا ،
__________________
(١) البرهان في أصول الفقه : ١ / ١٦٢ ـ ١٦٣.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ١ / ٥١.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٥٣.