وإن عنى به : أنّ كونه موقعا يحصل في الأوّل ، والفعل يحصل في الثاني ، فكونه موقعا ، إن كان نفس القدرة ، لم يكن لكونه موقعا للفعل معنى إلّا كونه قادرا ، فيرجع إلى القسم الأوّل.
وإن كان أمرا زائدا ، فحينئذ تكون القدرة مؤثّرة في وقوع ذلك الزائد في [الزمان] الأوّل ، والأمر إنّما يتوجه عليه في الأوّل بإيقاع ذلك الزائد ، وذلك الزائد وقع في الأوّل ، فالأمر بالشيء إنّما يكون حال وقوعه.
والجواب : الفعل في الأوّل ممكن ، والأمر ثابت حال إمكان الفعل ، لا حال نفس الفعل (١) والتحقيق : أنّه في الأوّل مأمور بأن يوقعه في الثاني ، والتأثير غير القدرة ، فهو متقدّم على الفعل ، والأمر لم يتوجّه في الأوّل بإيقاع ذلك الزائد ، بل بإيقاع الفعل.
المبحث الرّابع : في وقت انقطاع التكليف
اختلف النّاس هنا ، والبحث فيه قريب من الأوّل ، فقال الأشعري : لا ينقطع التكليف بفعل حال حدوثه ، ومنع المعتزلة من ذلك ، وأوجبوا انقطاعه حينئذ ، وهو اختيار الجويني (٢).
لنا : ما تقدّم ، من أنّه لو كان التكليف باقيا ، لزم تحصيل الحاصل ، وانتفت فائدة التكليف.
احتجّ بانّه حينئذ مقدور ، لأنّ القدرة مع الفعل.
__________________
(١) لاحظ المحصول للرازي : ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٢) البرهان : ١ / ١٩٤.