المبحث السادس : في محلّه
قد عرفت أنّ الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ ، وعرفت أيضا في غير هذه الصناعة أنّ بسائط الألفاظ ثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف.
فالحرف لا يدخله المجاز بالذّات ، لعدم استقلاله بالمفهوميّة ، وإنّما يفيد مع انضمامه إلى غيره ، فإن ضمّ إلى ما ينبغي ضمّه إليه ، فلا مجاز ، وإن ضمّ إلى ما لا ينبغي ضمّه إليه ، كان مجازا في التركيب ، لا في المفرد. (١)
وفيه نظر ، فإنّا لو استعملنا «من» في الانتهاء ، كان مجازا في المفرد.
وأمّا الفعل ، فهو دالّ على ثبوت شيء لموضوع غير معيّن في زمان معيّن ، فهو مركّب من المصدر والزّمان والنّسبة ، فما لم يدخل المجاز في المصدر ، استحال دخوله في الفعل الّذي لا يفيد إلّا ثبوت ذلك المصدر لشيء ما. (٢)
وفيه نظر ، فإنّ مجازيّة المركّب لا ينحصر في فرد بعينه ، فجاز كون الفعل مجازا باعتبار صيغته ، بأن يدلّ وضعا على زمان ماض (٣) ويستعمل في المستقبل مجازا ، وليس في المشتقّ منه.
وأيضا ، فإنّ المضارع قيل : إنّه مشترك.
__________________
(١) لاحظ المحصول في علم الأصول : ١ / ١٣٧.
(٢) نفس المصدر.
(٣) في «أ» : زمان خاصّ.