المبحث الثامن : في أنّ المجاز ليس غالبا
قال ابن جنّي (١) : أكثر اللغة مجاز ، أمّا الفعل فإذا قلت : قام زيد ، اقتضى الفعل إفادة الجنس ، وهو يتناول جميع الأفراد ، فيلزم وجود كلّ فرد من أفراد القيام من زيد ، وهو معلوم البطلان (٢).
وليس بجيّد ، لأنّ المصدر دالّ على الماهيّة من حيث هي هي ، ولا يستلزم واحدة ولا كثرة وقد توهّم أنّه دالّ على جميع أشخاص الماهيّة قال :
وإذا قلت : ضربت زيدا كان مجازا من حيث إنّك ضربت بعضه لا جميعه ، بل لو قلت محتاطا : ضربت رأسه لم تكن قد ضربته من جميع جوانبه.
واعتراض ابن متّويه (٣) بأنّ المتألّم زيد لا بعضه ، خطأ ، لأنّ البحث في الضّرب لا الألم ، والضّرب إمساس بعنف من جسم لجسم حيوان ، والإمساس يرجع إلى الأجزاء لا الجملة.
وهاهنا مجاز من وجه آخر ، فإنّك إذا قلت : رأيت زيدا أو ضربته ، ف «زيدا» ليس إشارة إلى هذه الجملة المشاهدة ، لتطرّق الزيادة والنقصان والتبدل عليها ،
__________________
(١) تقدّمت ترجمته.
(٢) نقله عنه الرّازي في المحصول : ١ / ١٤٣.
(٣) هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن الاصفهاني المتوفّى سنة ٣٠٢ ه المعروف ب «ابن متّويه» ، أصله «متويه» مثل «سيبويه» ولمّا كان لفظ «ويه» مشعرا بالتفجّع فقلّبوه وقالوا : «متّويه» بضمّ التاء وسكون الواو وفتح الياء والهاء. لاحظ نفائس الأصول في شرح المحصول : ١ / ٥٠٩ ؛ وسير أعلام النبلاء : ١١ / ٢٠٦ برقم ٢٥٩٧.