ولو كان الابتداء بلفظ يدلّ على الترتيب ، لما احتيج إلى جعل الواو للترتيب.
وعن الثامن : المعارضة بشدّة الحاجة إلى التعبير عن الأعمّ دون الأخصّ ، فإنّه متى احتيج إلى ذكر الأخصّ ، احتيج إلى ذكر الأعمّ ولا ينعكس ، فكانت الحاجة إلى التعبير عن الأعمّ أشدّ ، فكان أولى بالوضع.
واعلم أنّ الجويني نقل عن أصحاب أبي حنيفة : أنّ الواو للجمع ، وعن أصحاب الشافعي أنّها للترتيب ، ثمّ نسبهما إلى التحكّم ، وتوهّم أنّ قصد الحنفيّة أنّها تفيد المصاحبة. (١)
ولا شكّ في أنّها تحكّم إن قصدوا ذلك ، والظّاهر أنّ قصدهم ما اخترناه نحن ، من أنّها للجمع الصّادق على الترتيب والمعيّة ، لا ما فهم هو.
المبحث الثاني : في الفاء
الفاء تقتضي التعقيب الممكن ، وقد أجمع النحويّون على أنّها تفيد الترتيب بغير مهلة ، وهو معنى التعقيب.
وقيّدنا بالممكن ، ليدخل مثل : دخلت بغداد فالبصرة.
وإجماع أهل اللغة على إفادة التعقيب حجّة.
وأيضا ، لو لم تكن للتعقيب ، لم تدخل على الجزاء إذا كان بغير لفظ الماضي والمضارع ، ولكنّها تدخل فيه.
__________________
(١) انظر البرهان في أصول الفقه : ١ / ١٣٦ تأليف الجويني.