المبحث السادس : في أنّ المطلوب بالكلّيّ ما ذا؟
اختلف الناس هنا : فقال قوم : إنّ الأمر بالماهيّة الكلّية ، لا يقتضي الأمر بشيء من جزئيّاتها ، فإنّ الأمر بالبيع المطلق ، لا يقتضي الأمر بالبيع بالغبن الفاحش ، ولا بالثّمن المساوي ، لاشتراكهما في مسمّى البيع ، واختصاص كلّ واحد منهما بما يتميّز به عن صاحبه ، وما به الاشتراك ، غير ما به الامتياز ، وغير مستلزم له.
فالأمر بالبيع المطلق ، لا يقتضي الأمر بشيء من الخصوصيّات ، بشيء من الدّلالات ، وإنّما سوّغنا البيع بالثمن المساوي ، لوجود القرينة الدّالة على الرّضا به ، لانحصار الكليّ في هذه الجزئيّات ، ودلالة القرينة على عدم الرضا بالقليل ، فينحصر المطلوب في الكثير.
وقال آخرون : المطلوب أحد الجزئيّات ، لأنّ المشترك معنى كلّيّ ، لا تصوّر لوجوده عينا.
واشتراكه باعتبار مطابقة حدّ الطبيعة الكليّة ، للطبيعة الجزئيّة ، فيستحيل تعلّق الأمر به ، لاستدعاء الطلب إمكان الفعل ، فيبقى الأمر بالكلّيّ أمرا بالجزئيّات. (١)
وهذا خطأ ، فإنّ الكلّيّ الطّبيعيّ موجود في الأعيان ، وإلّا انتفت الحقائق.
__________________
(١) لاحظ الإحكام للآمدي : ٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ؛ والكاشف عن المحصول : ٤ / ٨٥ ـ ٨٦.