وبالعلم نفس العالميّة ، وهذه أحكام ثابتة لله تعالى ، فيكون له تعالى علم وقدرة.
وأمّا الأشاعرة فإنّهم أثبتوا لله تعالى المعاني ، وهي القدرة ، والعلم ، والحياة وغيرها ، واشتقّوا منها هذه الأوصاف.
وهذه المسألة تبيّن في علم الكلام ، وقد أوضحناها هناك.
وللمعتزلة أن يقولوا : لمّا أوجبت هذه الأوصاف أحوالا للذّات ، كما أوجبت في حقّنا ، أطلقناها عليه تعالى.
المبحث الرابع : في أنّ بقاء المعنى هل هو شرط في الصدق أم لا؟
اختلفت النّاس هنا : فقال قوم : إنّ بقاء وجه الاشتقاق (١) شرط لصدق الاسم حقيقة ، واختاره فخر الدين الرازي (٢).
وقال آخرون : إنّه لا يشترط ، وإليه ذهب أبو علي بن سيناء (٣) وأبو هاشم الجبائيّ.
وقال قوم : إنّه يشترط إن أمكن وإلّا فلا.
والأقرب عدم الاشتراط.
__________________
(١) أريد من وجه الاشتقاق «بقاء المبدأ» في صدق المشتقّ.
(٢) الموجود في «المحصول للرازي» : ١ / ٨٦ «أنّه ليس بشرط» ولعلّه مصحف «أنّه شرط» لأنّ الدليل المذكور في كلامه يثبت انّه شرط. ويؤيّده أنّ الموجود في الكاشف عن المحصول : هو أنّه شرط. لاحظ : ٢ / ٨٩.
(٣) الحسين بن عبد الله بن سيناء ، الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف الكثيرة في العلوم المختلفة المتوفّى سنة ٤٢٨ ه. انظر ترجمته في وفيات الأعيان : ١ / ١٥٢.