تذنيب
لا فرق بين الأمر والنهي في ذلك ، فإنّه كما استحال الأمر بالجمع بين الضدّين ، كذا يستحيل النّهي بينهما إذا لم يكن بينهما متوسّط ، وكما لا يقال : «تحرّك واسكن» كذا لا يقال : «لا تتحرّك ولا تسكن» والخلاف هنا مع الأشاعرة ظاهر.
وأبو هاشم جوّز ذلك ، (١) فإنّ من توسّط أرضا مغصوبة تحرم عليه الحركة والسّكون فيها ، فكما يحرم عليه اللّبث فيها ، كذلك يحرم عليه الخروج عنها ، إذ كلّ منهما تصرّف في ملك الغير بغير إذنه حراما.
والحقّ : أنّه مكلّف بالخروج وإن تضمّن التصرّف والإضرار بالغير ، إذا كان الخروج يتضمّن إفساد الزّرع ، وكذا اللّبث ، لما في الخروج من تقليل الضّرر وفي اللبث من تكثيره.
كما يكلّف المولج في فرج الحرام بالنّزع ، وإن كان به مماسّا للفرج المحرّم ، لأنّ ارتكاب أقلّ الضّررين قد يجب نظرا إلى دفع أكثرهما ، كما يجب (٢) شرب الخمر دفعا للغصّ وتناول الميتة للمضطرّ.
ووجوب الضّمان عليه بما يفسده عند الخروج لا يعطي الحرمة ، كما يجب الضمان على المضطرّ في المخمصة بما يتلفه بالأكل ، وإن كان الأكل واجبا.
__________________
(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ١ / ٩٦.
(٢) في النسخ الّتي بأيدينا «يوجب».