من الشناعات لفظا ، ويلزمه الوقوع فيها على ما يأتي تقريره.
لنا وجوه :
الأوّل : أنّا نعلم قطعا نسبة من كلّف الأعمى نقط المصاحف ، والزّمن الطيران في السماء ، والأسود بزوال سواده ، والعاجز نقل الكواكب عن مواطنها ، إلى السّفه والجهل ، والله تعالى منزّه عن ذلك ، وأيّ عاقل يرتضي لنفسه تنزيه المخلوق عن أمر يقبحه ، وينسبه الى الله تعالى ، مع نقص المخلوق وكمال الخالق.
الثاني : المحال غير متصوّر ، وكلّ ما لا يكون متصوّرا ، لا يكون مأمورا به.
أمّا المقدّمة الأولى : فلأنّه لو كان متصوّرا لكان متميّزا ، ولو كان متميّزا لكان ثابتا ، فما لا ثبوت له لا تميّز له ، وما لا تميّز له ، لا يكون متصوّرا.
وأمّا الثانية ، فلأنّ غير المتصوّر لا يكون في العقل إليه إشارة ، والمأمور به مشار إليه في العقل ، والجمع بينهما متناقض.
الثالث : لو جوّزنا الأمر بالمحال ، لجوّزنا أمر الجمادات ، وبعثة الرّسل إليها ، وإنزال الكتب عليها ، وذلك معلوم البطلان بالضرورة.
الرابع : لو صحّ التكليف بالمحال ، لكان مستدعي الحصول ، لأنّه معنى الطّلب ، ولا يصحّ ، لأنّه لا يتصوّر وقوعه ، واستدعاء حصوله فرعه ، لأنّه لو تصوّر منفيّا لزم تصوّر الأمر على خلاف ماهيّته.
لا يقال : لو لم يتصوّر لم يعلم إحالة الجمع بين الضدّين ، لأنّ العلم بصفة الشيء فرع تصوّره.