اتّفاقيّا ، فيكون التّكليف به حينئذ تكليفا بغير المقدور.
وإن حدث أمر ، كان حدوث الفعل عن القادر ، متوقّفا على أمر آخر وراءه ، (١) وقد فرضنا أنّه ليس كذلك ، هذا خلف. (٢)
والجواب ما تقدّم مرارا ، من أنّ الجبر غير لازم على تقدير استناد الفعل إلى الدّاعي ، وإن كان الفعل واجبا ، لأنّ وجوبه لاحق لا يؤثّر في القدرة السابقة.
والاتّفاق إن عني به ما يصدر لا عن مؤثّر ، فهو ممنوع ، وإن عني به ما يتساوى طرفاه ، مع صدوره عن القدرة ، فاستحالته ممنوعة.
الخامس : جهة القصد (٣) ، فالخاطئ غير مكلّف إجماعا فيما هو مخطئ فيه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان». (٤)
والأشاعرة خالفونا في جميع ذلك ، حيث جوّزوا تكليف ما لا يطاق ، لكن بعضهم ربما دفع الشّناعة عنه باللّفظ ، فأنكره لفظا ، وإن لزمه معنى.
إذا ثبت هذا ، فالمأمور يجب أن يقصد إيقاع الفعل المأمور به على سبيل الطّاعة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنّيات ، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى» (٥) ولقوله تعالى :
__________________
(١) أي وراء كونه قادرا.
(٢) لاحظ المحصول للرازي : ١ / ٣٣٤.
(٣) في «ب» : صحّة القصد.
(٤) تقدّم مصدر الحديث ص ١٨٥.
(٥) الوسائل : ١ / ٣٤ ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ١٠ ؛ وصحيح البخاري : ١ / ٢ ، باب كيف كان بدء الوحي ؛ وسنن البيهقي : ٧ / ٣٤١ ؛ وعوالي اللئالي : ١ / ٨١ و ٣٨٠ ، وج ٢ / ١١ و ١٩٠.