لنا : أنّ أنواع الروائح والآلام قائمة بمحالّها ، مع أنّه لم يشتقّ لها منها أسماء. (١)
وفيه نظر ، لاستدعاء الاشتقاق وجود لفظ المعنى ، ولأنّ «القتل» و «الضّرب» أمور قائمة بالمقتول والمضروب ، وقد اشتقّ منهما اسم الضّارب والقاتل لغير من قاما به. (٢)
وهذا الدليل كما دلّ على مطلوب المعتزلة ، كذا دلّ على مطلوب لهم آخر ، وهو صحّة أن يشتقّ لغير المحلّ اسم من ذلك العرض القائم بالمحلّ ، فإنّهم سمّوا الله تعالى متكلّما بكلام قائم بالأجسام.
والخلاف فيه مع الأشاعرة أيضا ، فإنّهم منعوا في المقامين.
اعترضت الأشاعرة بأنّ «الجرح» ليس هو الأثر القائم بالمجروح بل تأثير قدرة القادر فيه ، وذلك التأثير حاصل بالفاعل وقائم به ، وكذا القتل والضرب.
والجواب : لا معنى لتأثير القدرة في المقدور إلّا نفس وجود الأثر ، إذ لو كان زائدا لزم التسلسل.
وأيضا إمّا أن يكون قديما ، فيستلزم قدم الأثر ، لأنّ قدم النسبة يستلزم قدم ما يتوقّف عليه ، وإمّا أن يكون حادثا فيفتقر إلى تأثير آخر ، ويتسلسل.
وأيضا الخالق أطلق على الله تعالى وهو مشتقّ من الخلق ، والخلق نفس المخلوق ، والمخلوق غير قائم بذات الله تعالى ، لأنّه لو كان غيره : فإن كان قديما ، لزم قدم العالم ، وإن كان محدثا ، تسلسل.
__________________
(١) لاحظ المحصول للرازي : ١ / ٩١ ، والحاصل من المحصول : ١ / ٣١٥.
(٢) الاستدلال للمعتزلة ، لاحظ الكاشف عن المحصول : ٢ / ١١٠.