اختيار أبي الحسن تفريعا على القول بالفور ، وكذا القاضي عبد الجبّار.
وقال آخرون بالمنع ، وهو اختيار أبي عبد الله البصري (١) وحكاه عن الكرخي (٢).
والأصل : أنّ قول القائل : افعل ، هل معناه : افعل في الوقت الثاني (٣) فإن عصيت ففي الثالث ، وهكذا؟
أو معناه : افعل في الزمن الثاني ، من غير بيان حال الزّمن الثالث وما بعده؟
فإن قلنا بالأوّل ، اقتضى الأمر الأوّل الفعل في جميع الأزمان.
وإن قلنا بالثّاني ، لم يقتضه ، فالمسألة لغويّة.
احتجّ الأوّلون بأنّ لفظ افعل يقتضي كون المأمور فاعلا مطلقا ، وهو يوجب بقاء الأمر ما لم يصر المأمور فاعلا.
ويقتضي أيضا وجوب المأمور به ، ووجوبه يقتضي كونه على الفور ، وإذا أمكن الجمع بين موجبيهما ، لم يكن لنا إبطال أحدهما ، وقد أمكن الجمع ، بأن نوجب الفعل في أوّل أوقات الإمكان ، لئلّا ينتقض وجوبه ، فإن لم يفعله أوجبناه في الثاني ، لأنّ مقتضى الأمر كون المأمور فاعلا ، ولم يحصل بعد.
واحتجّ أبو عبد الله بأنّ مطلق الأمر يقتضي إيقاع الفعل في الثاني ، فلم يتناول إيقاعه في الثالث ، لأنّه يتناول فعلا واحدا ، والفعل المختصّ بالثاني ، غير
__________________
(١) تقدّمت ترجمته ص ٢١٩.
(٢) تقدّمت ترجمته ص ٢١٩.
(٣) المراد بالوقت الثاني باعتبار زمان ورود الأمر ، فإنّ زمن ورود الأمر هو الأوّل ، وأمّا أوّل أزمنة إمكان الفعل فهو الزمن الثاني من الزمن الّذي ورد فيه الأمر.