وأمّا الثاني ، فلأنّه يحصل حينئذ التردّد ويختلّ الفهم ، ويصير كلام الشرع مجملا بين حقيقته ومجازه ، وكذا جميع ما ينطق به العرب ، لتردّد تلك الألفاظ بين حقائقها ومجازاتها ، فكان لا يحصل الفهم إلّا بعد الاستكشاف ، (ولمنافاة الحكمة إن جعل أصلا في ثالث ، وزيادة الخلل في الفهم ، ولامتناع ثالث بينهما في الاستعمال) (١).
ولأنّه لو تجرّد اللّفظ عن القرينة فإمّا أن يحمل على حقيقته وهو المطلوب.
أو على مجازه وهو محال ، إذ شرط حمله على المجاز القرينة ، فإنّ الواضع لو أمر بحمله على مجازه عند التجرّد كان حقيقة إذ هو معناها.
أو عليهما معا ، وهو محال ، وإلّا لكان حقيقة في ذلك المجموع لو قال : احملوه عليهما معا.
ولو قال : احملوه إمّا على هذا أو على هذا كان مشتركا.
أو لا على واحد منهما وهو محال ، وإلّا لكان مهملا لا مستعملا.
ولأنّ المجاز يتوقّف على أمور ثلاثة :
الوضع الأصليّ.
ونقله إلى الفرع.
وعلّة النقل. (٢)
والحقيقة يتوقّف على الأوّل لا غير.
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في «ب» و «ج».
(٢) وهي العلاقة.