وأيضا ، الجواز الّذي جعل جزءاً من الواجب ، جنس لا يدخل في الوجود إلّا مع فصل يقوّمه ، وهو إيجاب الحرج بالترك ، كما في الوجوب ، أو برفعه ، كما في المندوب والمباح ، فيستحيل بقاؤه بدون أحد هذين القيدين ، وإذا رفع الفصل ، ارتفعت حقيقة الجنس المقيّدة به.
احتجّ فخر الدّين : بأنّ المقتضي للجواز قائم ، والمعارض الموجود لا يصلح أن يكون مزيلا ، فوجب بقاء الجواز.
أمّا أنّ المقتضي للجواز قائم ، فلأنّ الجواز جزء من الوجوب ، والمقتضي للمركّب ، مقتض لمفرداته.
أمّا الأولى ، فلأنّ الجواز رفع الحرج عن الفعل ، والوجوب رفع الحرج عن الفعل ، مع إثبات الحرج في الترك ، ولا شكّ أنّ مفهوم الأوّل جزء من الثاني.
وأمّا الثانية ، فلأنّ المركّب هو تلك المفردات ، فالمقتضي له مقتض لها.
لا يقال : المقتضي للمركّب ، مقتض لمفرداته حال اجتماعها ، فلم قلت : إنّه مقتض [لها] حالة الانفراد؟
لأنّا نقول : تلك المفردات من حيث إنّها هي ، غير ، ومن حيث إنّها مفردة ، داخلة في المركّب ، ونحن لا ندّعي أنّها من حيث هي مفردة داخلة [في المركّب] ، لتعاند قيدي الانفراد والتركيب ، بل إنّها من حيث هي هي ، داخلة في المركّب ، فالمقتضي للمركّب ، مقتض لها من حيث هي هي.
وأمّا أنّ المعارض لا يصلح مزيلا ، فلأنّ المعارض يقتضي زوال الوجوب ، والوجوب ماهيّة مركّبة ، فيكفي في زوالها ، زوال أحد قيودها ،