وأيضا فقوله : «المجاز ما كان بضدّ ذلك» معناه أنّه الّذي ما أقرّ في الاستعمال على [أصل] وضعه في اللّغة ، ويبطل باستلزام كون استعمال لفظ الأرض في السماء مجازا.
وقال عبد القاهر (١) : الحقيقة كلّ كلمة أريد بها عين ما وقعت له في وضع واضع ، وقوعا لا يستند فيه إلى غيره ، كالأسد للبهيمة المخصوصة.
والمجاز كلّما أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضعها لملاحظة بين الثّاني والأوّل.
وهذا يقتضي خروج الحقيقة الشرعيّة والعرفيّة عن حدّ الحقيقة ودخولهما في حدّ المجاز ، وهو غير جائز ، ومع ذلك فاستعمال لفظة «كلّ» في الحدّ خطأ.
وقال أبو الحسين البصري : الحقيقة ما أفيد بها ما وضعت له في أصل الاصطلاح الّذي وقع التخاطب ، ويدخل فيه اللّغويّة ، والشرعيّة والعرفيّة.
والمجاز ما أفيد به معنى مصطلحا عليه ، غير ما اصطلح عليه في أصل تلك المواضعة الّتي وقع التخاطب فيها. (٢) لعلاقة بينه وبين الأوّل.
فالأخير لم يذكره ولا بدّ منه ، وإلّا كان وضعا جديدا لا مجازا.
وقيد الاصطلاح يعطي اشتراط الوضع في المجاز ، ومن لا يشترطه يحذفه.
__________________
(١) هو عبد القاهر الجرجاني واضع أصول البلاغة كان من أئمّة اللّغة توفّي سنة ٤٧١ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٤ / ٤٨.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ١ / ١١.