لنا على استناد الوضع إلى الشرع : أنّ الصلاة في الشرع للرّكعات المخصوصة ، والزكاة للقدر المخرج من المال ، والحجّ للأفعال المخصوصة عند البيت ، والصوم للإمساك عن أشياء مخصوصة.
وفي اللغة للدّعاء ، والنموّ ، والقصد ، والإمساك مطلقا وإذا أطلقت في اصطلاح الفقهاء فهم ما وضعه الشارع دون ما وضعه أهل اللغة فيه ، بحيث لا يسبق إلى الذهن إلّا ما قلناه.
وهذا من خواصّ الحقيقة ، فكانت حقائق شرعيّة.
لا يقال : الحقيقة اللغويّة موجودة في هذه المعاني ، والزيادات شروط.
لأنّا نقول : لا نسلّم وجود المعنى اللّغويّ ، فإنّ الاخرس المنفرد غير داع ولا متّبع (١).
سلّمنا ، لكن لا نسلّم التفات الشارع إلى هذه المعاني ، بل إلى ما وضعه.
لا يقال : إنّها مجازات فيما ذكرتم ، ضرورة استعمالها فيما لم يوضع له.
لأنّا نقول : إن أردتم استعمال الشارع لها ، فهو المدّعى ، وإن أردتم أهل اللغة ، فليس كذلك ، لعدم علمهم.
ولنا على أنّها مجازات لغويّة : أنّها لو لم تكن لغويّة ، لم يكن القرآن كلّه عربيّا ، والمقدّمة كالتالي باطل.
__________________
(١) قال الرازي في المحصول : ١ / ١٢٤ : الصلاة في أصل اللغة إمّا للمتابعة كما يسمّى الطائر الّذي يتبع السابق مصلّيا ، وإمّا للدّعاء ، أو لعظم الورك كما قال بعضهم : الصلاة انّما سمّيت صلاة ، لأنّ العادة في الصلاة أن يقف المسلمون صفوفا ، فإذا ركعوا كان رأس أحدهم عند صلا الآخر ، وهو عظم الورك.