والإسحات لا يقع عقيب الافتراء ، بل يتراخى إلى يوم القيامة ، فقد جاءت لا بمعنى التعقيب.
وقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ)(١) مع أنّ الرهن قد لا يحصل عقيب المداينة.
الثاني : الفاء قد تدخل على لفظ التعقيب ، ولو كانت الفاء للتعقيب لما صحّ ذلك.
الثالث : التعقيب يصحّ الإخبار عنه بمجرّد ذكره ، بخلاف الفاء ، فهي مغايرة له.
والجواب عن الأوّل : بالحمل على المجاز (٢) ، ويجب تأويله بأنّ حكم الافتراء ، الإسحات ، وحكم المداينة ، الرّهن.
أو نقول : لمّا كان بوعد الله تعالى صدقا كان كالواقع عقيب الإخبار به.
أو نقول : لما حكم الله تعالى في عدّة مواضع من الكتاب العزيز بقرب الساعة ، حتّى جعلها أقرب من لمح البصر ، كان ذلك أبلغ معاني التعقيب ، وحيث خرجت آية المداينة مخرج الإرشاد اقتضى ذلك التّعليم بتعقيب الرهن للدين.
وعن الثاني : أنّه محمول على التأكيد.
وعن الثالث : أنّه آت في جميع الحروف ، مع أنّها موضوعة لمعانيها ، والأصل في ذلك أنّ الفاء تدلّ على التعقيب ، والدليل مغاير للمدلول ، ولا يلزم
__________________
(١) البقرة : ٢٨٣.
(٢) في «أ» : أنّا نحمل على المجاز.