وفيه نظر ، فإنّ الخصم لم يجعله حقيقة في فعل معيّن ، بل في مطلق الفعل ، فورد عليه الإشكال.
بخلاف القول ، فإنّ أحدا لم يجعله حقيقة في مطلق القول ، بل في قول معيّن.
وأمّا الثاني : فبما تقدّم من أنّ الاشتقاق غير واجب في كلّ الحقائق (١) وأنّه لو كان الأصل في الحقائق الاشتقاق ، لكان المنع من اشتقاق اسم القارورة للجرّة والكوز من قرار المائع فيها على خلاف الأصل.
لا يقال : ولو لم يكن الاشتقاق على وفق الأصل ، لكان على خلافه ، لكن المحذور منه أكثر ، لكثرة صور الاشتقاق.
لأنّا نقول : لا يلزم من عدم الأصالة في الاشتقاق أن يكون الاشتقاق على خلاف الأصل ، لجواز أن يكون كلّ من الاشتقاق وعدمه على خلاف الأصل ، بل يتبعان النّقل ، فإنّه إذا جاز أن يكون الاشتقاق من توابع الحقيقة ، جاز أن يكون من توابع بعض المسمّيات.
وليس أحد الأمرين أولى من الآخر ، فلا يلزم من الاشتقاق في بعض المسمّيات الاشتقاق في غيره ، لعدم الاشتراك في ذلك المسمّى (٢).
وفيه نظر فانّ القائلين بوجوب الاشتقاق يسلّمون كون الاشتقاق في الجرّة وغيرها لمانع ، وأنّه على خلاف الأصل ، إذ الأصل الاشتقاق.
__________________
(١) في «أ» في كلّ الخواص.
(٢) الإشكال والجواب للآمدي في الإحكام في أصول الأحكام : ١ / ٢٨٥.