الرابع : لو دلّ على الإجزاء ، لكان المصلّي بظنّ الطّهارة آثما أو ساقطا عنه القضاء ، إذا تبيّن الحدث ، لأنّه إمّا مأمور بالصّلاة بطهارة يقينيّة ، فيكون عاصيا ، حيث صلّى من غير يقين ، أو بطهارة ظنّيّة ، وقد امتثل ، فيخرج عن العهدة ، فلا يجب القضاء.
والجواب عن الأوّل : بعد تسليم أنّ النّهي لا يدلّ على الفساد : أنّه لا استبعاد في النّهي عن فعل ، وتعلّق حكم به لو فعله المنهيّ عنه ، وجعله سببا فيه ، والأمر لا يدلّ إلّا على اقتضاء المأمور به دفعة ، فإذا فعلها المكلّف فقد أتى بتمام مقتضاه ، فلا يبقى للأمر مقتضى آخر.
وعن الثاني : أنّ الحجّ والصّوم لم يجزئا بالنسبة إلى الأمر الأوّل ، حيث لم يقعا على الوجه المطلوب شرعا ، ونحن لا ننازع في أنّ الفعل إذا أخلّ فيه ببعض شروطه ، أو صفاته المطلوبة شرعا ، فإنّه غير مجزئ ، بل هو مجزئ بالنسبة إلى الأمر بإتمامها.
وعن الثالث : أنّ الإتيان بتمام ما اقتضاه الأمر يقتضي أنّ لا يبقى الأمر مقتضيا لشيء آخر ، وهو المراد بالإجزاء.
وعن الرابع : بالمنع من الملازمة ، فإنّه مأمور بالصلاة بظنّ الطّهارة ، و [مع ذلك] يجب القضاء.
ووجوب القضاء ليس عمّا أمر به من الصّلاة المظنون طهارتها ، لأنّه قد أتى بالمأمور به على وجهه ، بل القضاء استدراك لمصلحة ما أمر به أوّلا من الصلاة مع الطّهارة ، كما قلناه في الحجّ الفاسد.